التحقيقات
البحرين.. اسم على غير مسمى.. وتفتقد مقومات الجزيرة
شواطئها..
عار على المسئولين!
تحقيق: زينب حافظ
شاء الله سبحانه وتعالى أن يجعل «البحرين« جزيرة يحوطها البحر من كل جانب، ويقترن اسم البحر في أذهان الناس بالتغلب على حر الصيف وملل الاجازة خاصة في ظل انعدام الوسائل الترفيهية، وهنا تكمن المعادلة الصعبة، فعلى الرغم من أن اسم «البحرين« يدل على أن بها بحرين لا بحرا واحدا كما يقول العامة، فإنها لا تمتلك بالمقابل سوى شاطئ الجزائر، وقد أصابه الهرم والتراكمات السلبية، بالإضافة إلى ازدحامه الشديد بمختلف الجنسيات إلى الحد الذي يجعل من الصعب على العائلات البحرينية الذهاب إليه للهروب من حرارة جو الصيف التي يعانونها اغلب شهور السنة، مما يؤدي بالقادرين من النخبة إلى الهروب لقضاء الاجازة على شواطئ الدول التي تمتلك بحرا واحدا ولكنها حرصت على تمهيد شواطئه كي تستقطب السياح من كل صوب لإطفاء لهيب الصيف بالغوص في مياهه.
ومؤخرا أتت شكوى إلى «أخبار الخليج« من احد المواطنين يقول فيها: هل كتب على المواطن إذا أراد أن يستمتع بالشواطئ والبحر أو متعة البر أن يذهب إلى خورفكان أو الفجيرة أو شاطئ نصف القمر بالمملكة العربية السعودية أو إلى الأراضي الفسيحة في دول الخليج التي ليس بها أسوار محاطة من كل جانب؟ وكان هذا المواطن قد قرر اصطحاب بعض ضيوفه إلى درة البحرين عن طريق شارع الملك حمد الجديد، ولكن للأسف عند وصوله إلى آخر نقطة من الشارع اخبره رجل الأمن بأن هذا هو آخر مكان يستطيع الوصول إليه وعليه الرجوع من حيث أتى، مما جعله يتساءل ألا يستحق المواطنون أن يمهد من اجلهم بعض الشواطئ؟ «أخبار الخليج« طرحت هذا السؤال على المعنيين بالأمر من أعضاء المجالس البلدية والقائمين على مشاريع الترفيه العائلي، وأيضا على بعض المواطنين لمعرفة إلى أي حد يفتقدون وجود شواطئ على ارض جزيرة البحرين التي تحوطها مياه البحر من كل جانب، وقد اعترف المعنيون بالأمر بوجود مشاكل وانهم في الطريق إلى حل بعضها، فيما ارتفعت شكوى المواطنين إلى عنان السماء لعدم وجود متنفس لهم ولعائلاتهم إذ أصبحت رؤية البحر بالنسبة لهم حلما يصعب تحقيقه بسبب المشاريع الاستثمارية التي استولت على كل شيء حتى على مياه البحر. شكاوى المواطنين في البداية تحدث إبراهيم الحلواجي هذا المواطن البسيط الذي يعمل بوزارة الصحة، فهو احد قاطني منطقة الديه ممن كان البحر يجاور بيوتهم، ثم بدأ الدفن ولم يتوقف إلا بعد أن استولى على البحر الموجود في المنطقة بالكامل ولم يتبق لهم سوى اقل من كيلومتر واحد بجوار فندق الريتز كارلتون، ويروي مشكلته قائلا: ترعرعنا في أحضان البحر إذ كانت أمواجه تضرب في بيوتنا، ثم بدأ الدفن لصالح المشاريع الاستثمارية، ولم نستفد شيئا من هذه المشاريع ولا حتى بتحديد موقف لطراريدنا، مما يضطرنا إلى إيقافها في البحر في أماكن غير آمنة،
وأصبحنا نحيا في مأساة، فقد كان البحر بجوار دوار اللؤلؤة جهة مجمع السيف وفندق الريتز كارلتون به متسع للجميع، والآن لم يتبق منه سوى جزء صغير يفتقد النظافة، واغلب الوقت يوجد به جَزر مما يصعب النزول به، ونحن الآن نريد المحافظة على هذا الجزء من البحر، فهو يحتاج إلى تمهيد، ومرافق، وإنارة، ومظلات، وتوفير مياه للاستحمام، وتنظيف إذ يحاول الأطفال تنظيم حملات لتنظيف الشاطئ من الأحجار ولكن هناك مخلفات وأحجارا كبيرة لا يستطيعون التخلص منها. ويكمل بأسى هذا الجزء الصغير من البحر هو المتنفس الوحيد لمنطقة السنابس وكرباباد والديه وجد حفص والحلة وكرانة بالإضافة إلى أهالي النعيم ورأس رمان فكل هذه المناطق تم دفن البحر بجوارها حتى الكورنيش الموجود أصبح الوقوف بجواره ممنوعا لأنه بجانب السكرتاريا، وحاليا يستعدون لبيعه، فأين احترام حقوق المواطن؟ نحن لا نطلب المستحيل فتخصيص شاطئ ومرفأ في جزيرة يحوطها البحر من كل جانب ليس بالشيء الصعب، نريد لأبنائنا أن يترعرعوا في أحضان البحر مثلنا، هل من المعقول أن ينشأ أبناء مملكة البحرين وهم لا يعرفون السباحة، لان الشواطئ أصبحت ملكا خاصا؟ ان رواتبنا لا تسمح باصطحاب أبنائنا إلى النوادي أو الشواطئ الخاصة، التي لم يستفد منها المواطن العادي الذي حرم ليس فقط من الجلوس على شاطئ البحر بل من مجرد رؤيته، ومن استفاد هم أصحاب رؤوس الأموال والمشاريع الاستثمارية الذين استولوا على كل شيء حتى على حلمنا بالنظر إلى مياه البحر. ويؤكد علي جواد الموظف بشركة البحرين للألمنيوم ضرورة توفير سياحة عائلية عن طريق الاهتمام بالشواطئ إذ ان المتوافر منها يئن من كثرة الضغوط عليه مع عدم وجود اهتمام يوازي حجم المستفيدين من هذه الأماكن. أما إيمان السرحاني فتوجه نداء إلى جميع المستثمرين مطالبة إياهم بأن يراعوا أبناء الوطن فهم يستحقون الرعاية، إذ من غير المنطقي أن تظل البحرين إلى الأبد جزيرة لا ترى البحر، وتؤكد أن الحلول بيد هؤلاء المستثمرين. وتأخذ مشكلة جعفر احضية الموظف بشركة بابكو منحى آخر إذ كان يستطيع الاستمتاع بالشاطئ هو وعائلته إلى ثلاث سنوات مضت، فقد كانت شركة بابكو توفر للعاملين بها «شاطئ بابكو« في الزلاق، ومنذ ثلاث سنوات تحول إلى شاطئ خاص وأقيم عليه مشروع استثماري، وبذلك حرم مئات الموظفين من الاستمتاع بشاطئ البحر، وأصبح جعفر يصطحب عائلته في أوقات متباعدة إلى بلاج الجزائر، وأحيانا إلى النادي البحري وعلى الرغم من أن هذه المنطقة أيضا طالها التطوير وأصبحت رؤية البحر متعذرة فإنه يتبع المثل الشعبي القائل «رائحته ولا عدمه«. ويكمل حديثه قائلا: حاليا تمر البحرين بمرحلة تطوير شاملة، وكما ينظر إلى البنى التحتية لهذه المشاريع بمنتهى الجدية والأهمية يجب أن يقوم المسئولون على تمهيد عدد من الشواطئ إذ يعد ذلك بمثابة البنى التحتية للسياحة العائلية لما لها من أهمية قصوى، ففي السابق كان الناس يقصدون الدول الأوروبية في الاجازات والآن أصبحوا يتوجهون إلى اسيا للاستمتاع بشواطئ البحر. المحرق
حول عدم وجود شواطئ وسواحل بمحافظ المحرق يتحدث عضو المجلس البلدي للدائرة الأولى محمد عبدالله المطوع قائلا: سابقا قبل إقرار المخطط الاستراتيجي كانت هناك مشكلة بالنسبة إلى تحديد الشواطئ العامة، ولكن بعد اعتماده من قبل جلاله الملك ومناقشته من المجالس البلدية بدأت الرؤية توضح بالنسبة إلى الشواطئ العامة، إذ تم اعتماد مخطط ساحل عام لأهالي سترة، وبالنسبة إلى محافظة المحرق نستطيع القول ان التعاون بين المجالس البلدية بالاشتراك مع وزارة البلديات قد أثمر عن تحديد ساحل الغوص كساحل عام لعامة الناس ومتنفس للأهالي، كما سيتم افتتاح ممشى عراد هذا العام. ويضيف: حاليا يوجد ساحل الحوض الجاف وهو الوحيد في المحرق المهيأ للاستحمام، وهو تابع لشركة اسري، ونحن نطالب المجلس البلدي بالتعاون مع أسري لتطوير هذا الشاطئ الذي أوقفته اسري لعامة الناس كي يكون في مستوى أفضل. ألن يتم تمهيد شاطئ آخر في محافظة المحرق؟ لقد حدد المخطط الاستراتيجي شمال البسيتين كي يصبح شاطئا للاستحمام، ولذلك نطالب وزير البلديات بأن يعمل على تفعيل هذا المخطط، خاصة أننا أصبحنا نفتقد وجود شاطئ في ظل وجود أكثر من كورنيش. الشمالية فيما يؤكد يوسف البوري رئيس المجلس البلدي بالمنطقة الشمالية أن الحل موجود بشرط توافر الإرادة وتعاون الجهات مع المجالس البلدية حيث ان صلب عملها الاهتمام بالسواحل وحمايتها وتطويرها، وعلى الرغم من امر جلالة الملك بأن يقام ساحل من القلعة إلى المدينة الشمالية بطول 5 كيلومترات فإن هذا المشروع مرتبط بالاستملاك، إذ لابد من وجود ارض لإقامة الشارع والمرافق، والأرض موجودة ولكنها أملاك خاصة ويجب استملاكها أولا قبل البدء بالمشروع، وكان من المفترض أن يبدأ العمل في المالكية والسواحل الأخرى مثل دمستان، الهملة، كرزكان، صدد، ولكن عدم إقرار قانون الاستملاك إلى الآن أدى إلى تعطل البدء بهذه المشاريع. ويضيف قائلا: للأسف البحرين اسم على غير مسمى، فعلى الرغم من أنها جزيرة فلا اثر فيها لمقومات الجزيرة، وإذا أردنا استعادة هويتها فلابد من تعاون جميع الجهات المعنية كي يمكننا الاهتمام بالسواحل، وإعادة الوهج السابق للشواطئ التي لم يعد لها اثر، فالمواطن يحلم بإيجاد متنفس له ولعائلته، فمع النهضة العمرانية التي تشهدها البحرين يجب ألا ننسى الجوانب الترفيهية خاصة التي فيما يتعلق بضرورة عدم غياب البحر عن أعين المواطنين.
الوسطى فيما أعطى حديث عضو مجلس بلدي الوسطى صادق ربيع أملا في أنه في العام القادم سوف تشهد منطقة سترة ساحلا عاما للمواطنين يمتد بطول 3 كيلومترات مجهز بكل الخدمات الأساسية والترفيهية، وفي هذا السياق يقول: يتميز الساحل بأنه تابع للدولة أي لا يملكه أشخاص وبالتالي لا يخضع لقانون الاستملاك، وبناء على قانون رقم 52 الذي يعتبر خليج توبلي محمية طبيعية، فقد عقدنا 5 اجتماعات مع وزارة التجارة والصناعة ووزارة البلديات، وقد تفهموا الوضع ونأمل في نقل المصانع في يوليو من هذا العام على أن نبدأ العمل فورا كي يكون الساحل معدا لاستقبال الناس العام القادم. الجنوبية أما بالنسبة إلى حال بلاج الجزائر فيتحدث محسن بكري رئيس اللجنة الفنية للمجلس البلدي بالمحافظة الجنوبية قائلا: نأسف للوضع الذي وصل إليه بلاج الجزائر إذ أصبح عارا على الحكومة وعلى البلدية، فليس من المنطق أن نكون جزيرة يحوطها البحر من كل جانب وشاطئنا بهذا الحال المتردي، والحل ان يسلم البلاج إلى المجلس البلدي ونحن نتكفل بإصلاحه على احدث طراز كي يكون مركز جذب سياحي ليس للمواطنين فقط بل على مستوى منطقة الخليج، أما بالنسبة إلى تمهيد شواطئ جديدة فقد حددنا المنطقة الشرقية بجوار عسكر وتكمن المشكلة في أن بعض أجزاء من الأرض ملك أشخاص، ولا نملك حاليا سوى مناشدة النواب أن يقروا قانون الاستملاك سريعا كي نستطيع البدء بالعمل. نظرة اقتصادية أما موسى الأنصاري المحلل الاقتصادي رئيس الهيئة الاستشارية بجمعية الاخاء الوطني وعضو مجلس إدارة جمعية مدينة عيسى التعاونية فيؤكد أن البحرين تعد الجزيرة الوحيدة على مستوى العالم التي لا يوجد بها سواحل، ففي الخارج توجد مماش ومتنزهات وأرصفة مخصصة لصيد الأسماك وجميعها مزودة بجميع المرافق التي يحتاج إليها مرتادو هذه الأماكن من عامة الشعب من دون مقابل مادي، المشكلة التي تواجهنا ليس فقط في عدم وجود أماكن للترفيه ولكن أيضا في عدم الاهتمام بما هو موجود فعليا، فعلى سبيل المثال لا توجد مرافق صحية أو حمامات على الشواطئ، والموجود لا يصلح للاستخدام الآدمي، وتبرر الحكومة عدم صيانتها لهذه المرافق بأن الناس هم السبب في تخريبها متناسية أن لكل شيء عمرا استهلاكيا، وإذا كنا ننشد السياحة العائلية فيجب أن نهتم بما هو موجود أولا، خاصة مع دخول فصل الصيف وعدم وجود أماكن ترفيهية تمتص طاقة الشباب، مما يجعل الأماكن الآهلة بالمخدرات مرتعا لهم. ولذلك يجب أن تهتم الحكومة ببناء الإنسان كما فعل مهاتير محمد إذ صرف على مخرجات التعليم ولم يصرف على إقامة البنايات لقناعته بأن بناء الإنسان أهم، وأول بناء للإنسان إيجاد مكان يستنفد طاقة الشباب، على أن يكون بلا مقابل مادي فالعائلات محدودة الدخل وصلت إلى 99 ألف عائلة، فمن أين لهم الذهاب إلى المنتجعات والسفر لقضاء العطلات على الشواطئ خارج البحرين التي يحوطها البحر من كل جانب ومع ذلك تفتقر إلى الشواطئ؟
الترفيه العائلي يوسف عيسى العلواني عضو مؤسس في الشركة السويسرية البحرينية القابضة وهي احدى الشركات الاستثمارية الجديدة في مملكة البحرين يقول: احد أهداف شركتنا الأساسية إقامة مشاريع تخص الترفيه العائلي نظرا لأنها احدى لبنات بناء المجتمع، وفي خطوة أولى منا فقد تقدمنا إلى مناقصة خاصة بصيانة الحدائق والمتنزهات بالمحافظة الشمالية لرغبتنا في تهيئة مكان للتنزه على اعلى مستوى للمواطنين. أما بالنسبة إلى تمهيد الشواطئ فحاليا نبحث عن موطئ قدم نستطيع من خلاله إقامة مشروع ترفيهي للمواطن البسيط بغرض تنشيط السياحة بين الجزر البحرية خاصة في أيام العطل الرسمية، ونتمنى على المسئولين مساعدتنا في ذلك، خاصة ان شركتنا تملك كل التسهيلات لإقامة مثل هذا المشروع الكبير إذ تضم فرعا للعقارات والاستثمارات والمقاولات، مما يسهل علينا شراء الأراضي وإقامة المباني اللازمة عليها بالإضافة إلى وجود السيولة النقدية اللازمة لذلك.
الإثنين يونيو 02, 2008 3:19 pm
